کد مطلب:168312 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:255

السهم المحدد المسموم القاتل
أمّا الخوارزمی فیواصل تفاصیلا لمقتل بعد أن ذكر كیف أنّ الامام (ع) حمل علی القوم حملة اللیث المغضب، فجعل لایلحق أحداً إلاّ بعجه بسیفه و ألحقه بالحضیض، والسهام تأخذه من كلّ ناحیة، وهو یتلقاها بنحره وصدره، حتّی أصابته إثنتان وسبعون جراحة فیقول: (فوقف یستریح وقد ضعف عن القتال، فبینا هو واقف إذ أتاه حجر فوقع علی جبهته، فسالت الدماء من جبهته، فأخذ الثوب لیمسح عن جبهته فأتاه سهم محدّد، مسموم، له ثلاث شُعب، فوقع فی قلبه، فقال الحسین (ع): بسم اللّه وباللّه وعلی ملّة رسول اللّه ورفع رأسه إلی السماء وقال: إلهی، إنّك تعلم أنّهم یقتلون رجلاً لیس عی وجه الارض ابن نبیّ غیره!

ثمّ أخذ السهم وأخرجه من وراء ظهره فانبعث الدّم كالمیزاب! فوضع یده علی الجرح، فلّما امتلات دماً رمی بها إلی السماء، فما رجع من ذلك قطرة! وما عُرفت الحمرة فی السماء حتّی رمی الحسین بدمه إلی السماء! ثمّ وضع یده علی الجرح ثانیاً، فلمّاامتلات لطّخ بها رأسه ولحیته! وقال:

هكذا واللّهِ أكون حتّی ألقی جدّی محمّداً(ع) وأنا مخضوب بدمی، وأقول: یا رسول اللّه! قتلنی فلان وفلان!

ثمّ ضعف عن القتال، فوقف مكانه، فكلّما أتاه رجل من الناس وانتهی إلیه انصرف عنه، وكره أن یلقی اللّه بدمه! حتّی جاءه رجلٌ من كندة یقال له مالك بن نس، فضربه بالسیف علی رأسه، وكان علیه برنس، فقطع البرنس وامتلا دماً، فقال له الحسین: لاأكلتَ بیمینك ولاشربت بها، وحشرك اللّه مع الظالمین. [1] .


ثمّ ألقی البرنس ولبس قلنسوة واعتمّ علیها، وقد أعیی وتبلَّد، وجاء الكندی فأخذ البرنس [2] وكان من خزّ فلّما قُدم به بعد ذلك علی امرأته أم عبداللّه لیغسله من الدّم، قالت له امرأتُه: أتسلب ابن بنت رسول اللّه برنسه وتدخل بیتی!؟ أُخرجْ عنّی حشا اللّهُ قبرك ناراً. وذكر أصحابه أنّه یبست یداه، ولم یزل فقیراً بأسوء حال إلی أن مات.

ثمّ نادی شمر: ما تنتظرون بالرجل؟ فقد أثخنته السهام، فأخذت به الرماح والسیوف، فضربه رجل یُقال له: زرعة بن شریك التمیمی ضربة منكرة، ورماه سنان بن أنس بسهم فی نحره، وطعنه صالح بن وهب المرّی علی خاصرته طعنة منكرة، فسقط الحسین عن فرسه [3] إلی الارض علی خدّه الایمن، ثم استوی جالساً


ونزع السهم من نحره، [4] ثم دنا عمر بن سعد من الحسین لیراه!

قال حمید بن مسلم: وخرجت زینب بنت علیّ و قرطاها یجولان فی أذنیها [5]


وهی تقول: لیت السماء أطبقت علی الارض! یا ابن سعد! أیُقتل أبوعبداللّه وأنت تنظر إلیه!؟ فجعلت دموعه تسیل علی خدّیه ولحیته، فصرف وجهه عنها، والحسین جالسٌ وعلیه جُبّة خز، وقد تحاماه الناس، فصاح شمر: ویحكم ما تنتظرون!؟ اقتلوه ثكلتكم أمّهاتكم! فضربه زرعة بن شریك فأبان كفّه الیسری، ثمّ ضربه علی عاتقه فجعل (ع) یكبو مرّة ویقوم أخری، فحمل علیه سنان ابن أنس فی تلك الحال فطعنه بالرمح فصرعه، [6] وقال لخولّی بن یزید: احتزّ رأسه. فضعف وارتعدت یداه، فقال له سنان: فتّ اللّه عضدك وأبان یدك. [7] فنزل إلیه نصر بن خرشة الضبابی، وقیل: بل شمر بن ذی الجوشن، [8] وكان أبرص، فضربه برجله، وألقاه علی قفاه، ثمّ أخذ بلحیته! فقال له الحسین (ع): أنت الكلبُ الابقع الذی رأیته فی منامی!!


فقال شمر: أتشبّهنی بالكلاب یا ابن فاطمة؟ ثمّ جعل یضرب بسیفه مذبح الحسین (ع) ویقول:



أقتلك الیوم ونفسی تعلمُ

علماً یقیناً لیس فیه مزعم



ولامجالٌ لاولاتكتّم

أنّ أباك خیر من یُكلَّم



وروی أنّه جاء إلیه شمر بن ذی الجوشن، وسنان بن أنس، والحسین (ع) بآخر رمق یلوك لسانه من العطش! فرفسه شمربرجله وقال: یا ابن أبی تراب! ألستَ تزعم أنّ اباك علی حوض النبیّ یسقی من أحبّه!؟ فاصبر حتّی تأخذ الماء من یده. ثم قال لسنان بن أنس: احتزّ رأسه من قفاه! فقال: لا واللّه، لاأفعل ذلك فیكون جدُّه محمّد خصمی!! فغضب شمر منه، وجلس علی صدر الحسین (ع)، وقبض علی لحیته وهمَّ بقتله، فضحك الحسین وقال له: أتقتلنی!؟ أولاتعلم من أنا!؟

قال: أعرفك حقَّ المعرفة، أمُّك فاطمة الزهراء، وابوك علیُّ المرتضی، وجدّك محمّد المصطفی، وخصیمك اللّه العلیّ الاعلی، وأقتلك ولاأُبالی! وضربه بسیفه إثنتی عشرة ضربة، ثمّ حزَّ رأسه). [9] .

(وروی هلال بن نافع قال: إنّی لواقفٌ مع أصحاب عمر بن سعد، إذ صرخ صارخ: أبشر أیها الامیر، فهذا شمرقتل الحسین! قال: فخرجت بین الصفّین،


فوقفت علیه، فإنّه لیجود بنفسه، فواللّه ما رأیت قتیلاً مضمّخاً بدمه أحسنَ منه ولا أنور وجهاً! ولقد شغلنی نور وجهه وجمال هیئته عن الفكر فی قتله! فاستسقی فی تلك الحال ماءً، فسمعت رجلاً یقول له: واللّه لاتذوق الماء حتّی ترد الحامیة فتشرب من حمیمها! فقال له الحسین (ع):

بل أرد علی جدّی رسول اللّه (ع) واسكن معه فی داره فی مقعد صدق عند ملیك مقتدر، وأشرب من ماءٍ غیرآسن، واشكو إلیه ما ارتكبتم منّی وفعلتم بی!

قال: فغضبوا بأجمعهم حتّی كأنّ اللّه لم یجعل فی قلب أحدٍ منهم من الرحمة شیئاً! فاحتزّوا رأسه وإنّه لیكلّمهم! فعجبت من قلّة رحمتهم، وقلت واللّهِ لاأُجامعكم علی أمرٍ أبداً). [10] .

وروی الشیخ الصدوق (ره) والشیخ الكلینی (ره) أیضاً، عن الامام الصادق (ع) أنّه: (لمّا ضُرب الحسین بن علیّ(ع) بالسیف، ثمّ ابتُدر لیُقطع رأسه، نادی منادٍ من قبل ربّ العزّة تبارك وتعالی من بطنان العرش فقال: ألا أیتها الامّة المتحیّرة الظالمة بعد نبیها، لاوفّقكم اللّه لاضحی ولافطر.

قال: ثمّ قال أبوعبداللّه (ع): لاجرم واللّه، ما وفّقوا ولایوفّقون أبداً حتّی یقوم ثائر الحسین (ع)). [11] .

وقال الخوارزمی: (وارتفعت فی السماء فی ذلك الوقت غبرة شدیدة مظلمة، فیها ریحٌ حمراء، لایُری فیها عین ولاأثر، حتّی ظنّ القوم أنّ العذاب قد جاءهم،


فلبثوا بذلك ساعة، ثمّ انجلت عنهم). [12] .

وروی ابن المغازلی بسندٍ عن رسول اللّه (ع) أنه قال:

(إنّ قاتل الحسین (ع) فی تابوت من نارٍ، علیه نصف عذاب أهل النّار، وقد شُدَّ یداه ورجلاه بسلاسل من نار، مُنَكَّسٌ فی النارحتی یقع فی قعر جهنّم، وله ریح یتعوَّذ أهل النار إلی ربّهم عزّوجل من شدَّة ریح نتنه، وهو فیها خالدٌ ذائق العذاب العظیم، كلّما نضجت جلودهم بدّلناهم جلوداً غیرها، حتّی یذوقوا العذاب الالیم، لایُفتَّر عنهم ساعة، وسقوا من حمیم جهنّم، الویل لهم من عذاب اللّه عزّ وجلّ). [13] .


[1] و هنا في هذا الموقع يخرج عبدالله بن الحسن عليهما السلام من عند النساء و هو غلام لم يراهق فيشد حتي يصل الي عمه الحسين عليه السلام، فيقتله بحر بن كعب لعنه الله، راجع تفصيل مقتله في ترجمته من هذا المقتل في ابناء الحسن عليه السلام.

[2] وانظرايضا: عيون الاخبار: 105 وفيه «مالك بن بشير»، و البدايه والنهايه: 8: 186-188 وفيه: «و مكث الحسين نهارا طويلا وحده لاياتي احد اليه الا رجع عنه لايحب ان يلي قتله»، ومثير الاحزان: 73، و الخطط المقريزيه: 228، و غرر الخصائص الواضحه: 337 وفيه: «فكان بعضهم يحيل علي بعض»، و اللهوف: 172، وشرح الاخبار: 163:3، والاخبار الطوال: 258، و اخبار الدول: 108، وسير اعلام النبلاء: 302:3، والمنتظم: 340:5، وانساب الاشراف: 408:3 : «واخذ الكندي البرنس، فيقال انه لم يزل فقيرا و شلت يداه»، و تاريخ الطبري: 331:3.

[3] قال الخوارزمي: «واقبل فرس الحسين، وقد عدا من بين ايديهم ان لايوخذ، فوضع ناصيته بدم الحسين، و ذهب يركض الي خيمة النساء، وهو يصهل و يضرب براسه الارض عند الخيمة، فلما نظرت اخوات الحسين و بناته واهله الي الفرس ليس عليه احد، رفعن اصواتهن بالصراخ والعويل، و وضعت ام كلثوم يدها علي ام راسها و نادت: وا محمداه! وا جداه! وا نبياه! وا ابا القاسماه! وا علياه! وا جعفراه! وا حمزتاه! وا حسناه! هذا حسين بالعراء! صريع بكربلاء! محزوز الراس من القفا! مسلوب العمامة و الرداء! ثم غشي عليها..» (مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي: 2: 42-43).

و قال المقرم (ره): «و اقبل الفرس يدور حوله ويلطخ ناصيته بدمه! فصاح ابن سعد: دونكم الفرس فانه من جياد خيل رسول الله، فاحاطت به الخيل، فجعل يرمح برجليه حتي قتل اربعين رجلا وعشره افراس! فقال ابن سعد: دعوه لننظر ما يصنع؟ فلما امن الطلب اقبل نحو الحسين يمرغ ناصيه بدمه و يشمه و يصهل صهيلا عاليا! قال ابوجعفرالباقرعليه السلام: كان يقول الظليمه الظليمه من امه قتلت ابن بنت نبيها!! و توجه نحو المخيم بذلك الصهيل». (مقتل الحسين عليه السلام للمقرم: 283).

[4] ولما اشتد به الحال رفع طرفه الي السماء يدعو الله و يناجيه قائلا: «اللهم متعال المكان ، عظيم الجبروت، شديد المحال، غني عن الخلائق، عريض الكبرياء، قادر علي ما تشاء، قريب الرحمة صادق الوعد، سابغ النعمة، حسن البلاء، قريب اذا دعيت، محيط بما خلقت، قابل التوبه لمن تاب اليك، قادر علي ما اردت، تدرك ما طلبت، شكور اذا شكرت، ذكور اذا ذكرت، ادعوك محتاجا، وارغب اليك كافيا، اللهم احكم بيننا و بين قومنا فانهم غرونا و خذلونا و غدروا بنا و قتلونا، و نحن عترة نبيك، و ولد حبيبك محمد عليه السلام الذي اصطفيته بالرسالة، وائتمنته علي الوحي، فاجعل لنا من امرنا فرجا و مخرجا يا ارحم الراحمين.

صبرا علي قضائك يا رب، لااله سواك، يا غياث المستغيثين، مالي رب سواك، ولامعبود غيرك، صبرا علي حكمك، يا غياث من لاغياث له، يا دائما لانفاذ له، يا محيي الموتي، يا قائما علي كل نفس بما كسبت، احكم بيني و بينهم و انت خير الحاكمين». (راجع: مقتل الحسين عليه السلام للمقرم: 282 عن مصباح المتهجد و الاقبال و اسرارالشهاده و رياض المصائب).

و في هذا الموقع ، لما صرع الحسين عليه السلام خرج محمد بن ابي سعيد بن عقيل عليهم السلام و هو غلام، مذعورا يلتفت يمينا و شمالا فشد عليه لقيط بن اياس الجهني فقتله، و قيل: قتله هاني بن ثبيت الحضرمي، راجع تفاصيل مقتله في ترجمته من هذا المقتل في مقاتل آل عقيل عليهم السلام.

[5] و علي فرض صحة خبر خروج زينب عليهماالسلام، فاننا نسال هذا الراوي اللعين حميد بن مسلم: كيف راي قرطي زينب عليهماالسلام وهي امراة لها من العمر اكثر من خمسين عاما، وهي ابنه علي المصونه العقيلة المحجبة، وقبل ان تسلب النساء ما عليها من الحجاب!؟.

[6] وفي اللهوف: 176: «فضربه زرعه بن شريك علي كتفه اليسري، و ضرب الحسين عليه السلام زرعه فصرعه، وضرب آخرعلي عاتقه المقدس بالسيف ضربه كبا عليه السلام بها لوجهه، و كان قد اعيا وجعل ينوء و يكبو، فطعنه سنان بن انس النخعمي في ترقوته، ثم انتزع الرمح فطعنه في بواني صدره، ثم رماه سنان ايضا بسهم فوقع السهم في نحره...».

[7] انظر ايضا: تاريخ الطبري: 334:3.

[8] تفاوتت المصادر التاريخيه فيمن هو قاتل الامام عليه السلام الذي احتزّ راسه الشريف، و جل المصادر الاساسيه كان الترديد بينها في اثنين من اعداء الله هما: شمر بن ذي الجوشن لعنه الله - وفيه القول الاشهر- وسنان بن انس النخعي لعنه الله، وهناك اقوال ضعيفه تقول ان قاتله خولي بن يزيد الاصبحي، او حصين بن نمير (او تميم)، او مهاجر بن اوس التميمي، او كثير بن عبدالله الشعبي، او ابوالجنوب زياد بن عبدالرحمن الجعفي، او شبل بن يزيد (اخو خولي بن يزيد: كما في الاخبارالطوال: 258)، اما المصادر التي تذكر ان قاتله عمر بن سعد اوعبيدالله بن زياد فعلي معني انهما - لعنهما الله - الآمران بقتله عليه السلام.

[9] مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي: 2: 39-42، وانظرايضا: الارشاد:2: 111-112، و انساب الاشراف: 409:3، وبغيه الطلب: 2629:6، و كشف الغمه: 263:2، و اعلام الوري: 469:1، والدر النظيم: 558، و الاتحاف بحب الاشراف للشبراوي: 16 وفيه: «فضربه صرعه بن شريك التميمي بكفه اليسري، فصار يقوم ويكبوه بقوه جاش، وثبات جنان، وفضل شجاعه، وعدم مبالاه بما فيه من الجراح، وتمسك بشهامه قرشيه و عزه هاشميه، غيرمكترث ذلك الاسد الوثاب بنهش تلك الكلاب، غير ان الاقدار الازليه والحكمه الالهيه اقتضت اظهارهذا الخطب الجسيم والصدع العظيم تنبيها علي حقاره هذه الدار وانها خلقت مطبوعه علي الاكدار».

[10] اللهوف: 177.

[11] امالي الصدوق: 142، المجلس 31، حديث رقم 5، و الكافي: 170:4، حديث رقم 3.

[12] مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي: 42:2.

[13] راجع: مناقب علي بن ابي طالب عليه السلام لابن المغازلي: 66-67 رقم 95 و 403 رقم 95 مكرر. وقال في حاشيه ص 67: اخرجه الخطيب الخوارزمي في مقتل الحسين: 83:2، والقندوزي في ينابيع الموده: 261، والحضرمي في رشفه الصادي: 60 نقلا عن روض الاخبار، والشبلنجي في نورالابصار: 127، والعلامه السخاوي في المقاصد الحسنه: 302، وابن الصبان في اسعاف الراغبين: 186.